فصل: ذِكْرُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ:

2904- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، وَالْأُخْرَى مِثْلُهَا وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا صَلَّيَا هَذِهِ الصَّلَاةَ.
2905- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ أَمَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ قَالَ: فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فَقَامَ فَقَرَأَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ قَامَ فَدَعَا، ثُمَّ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي سَجْدَةٍ يَدْعُو فِيهِنَّ بَعْدَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ: وَسَمِعْتُهُمْ يَحْزِرُونَ قِيَامَ عَلِيٍّ فِي الْقِرَاءَةِ قَالَ: الرُّومُ، أَوْ يس، أَوِ الْعَنْكَبُوتُ.
2906- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى عَلَى ظَهْرِ صُفَّةِ زَمْزَمَ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَةَ رَكَعَاتٍ.

.ذِكْرُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ:

2907- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَقَامَ عَلِيُّ فَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَا صَلَّاهَا أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ حَكَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ الْعَلَاءُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ: يَقُومُ فَيُكَبِّرُ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ سَجَدَ، ثُمَّ شَفَعَ إِلَيْهَا بِرَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ لَمْ يَسْجُدْ أَبَدًا حَتَّى يَنْجَلِيَ.
وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَسِتَّ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَثَمَانِ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ كُلُّ ذَلِكَ مُؤْتَلَفٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَزِيدُ مِنَ الرُّكُوعِ إِذَا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ قَدِ انْجَلَتْ، وَإِذَا انْجَلَتِ الشَّمْسُ سَجَدَ، فَمِنْ هُنَا صَارَ زِيَادَةُ الرَّكَعَاتِ، وَلَا يُجَاوِزُ بِذَلِكَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِنَا مُثْبَتًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِنَا: الْأَخْبَارُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَخْبَارٌ ثَابِتَةٌ، فَإِنْ أَحَبَّ الْمُصَلِّي رَكَعَ فِي كُلِّ رُكُوعِهِ رُكُوعَيْنِ، وَإِنْ أَحَبَّ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَإِنْ أَحَبَّ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ ثَابِتَةٌ، وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ مَرَّاتٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي عَدَدِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ عِلَّةً إِلَّا خَبَرَ عَلِيٍّ فَإِنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، فَأَمَّا سَائِرُ الْأَخْبَارِ فَالْعَمَلُ بِهَا كُلِّهَا جَائِزٌ.

.ذِكْرُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ فَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الرَّكَعَاتِ الْأُولَى بِالْبَقَرَةِ، وَقَرَأَ فِي الرَّكَعَاتِ الْأَوَاخِرِ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ وَفِي الْأُخْرَى بِآلِ عِمْرَانَ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُمْ حَزَرُوا قِرَاءَتَهُ الرُّومَ أَوْ يس أَوِ الْعَنْكَبُوتَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبَّانَ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي كُسُوفٍ سَأَلَ سَائِلٌ.
2908- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَرَأَ فِي الرَّكَعَاتِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْآيَاتِ بِالْبَقَرَةِ، وَقَرَأَ فِي الرَّكَعَاتِ الْأَوَاخِرِ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَقَالَ: وَلَوْ انْجَلَتِ الشَّمْسُ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ لَرَكَعَ وَلَمْ يَنْتَظِرِ الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ.
2909- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفِي الْآخِرَةِ بِآلِ عِمْرَانَ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: أُحِبُّ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَيُكَبِّرُ، ثُمَّ يَفْتَتِحُ كَمَا يَفْتَتِحُ الْمَكْتُوبَةَ، ثُمَّ يَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ إِنْ كَانَ يَحْفَظُهَا، أَوْ قَدْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ إِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ وَيَجْعَلُ رُكُوعَهُ قَدْرَ قِرَاءَةِ مِائَةِ آيَةٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَتَيْ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَسْجُدُ، ثُمَّ يَقُومُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ سَبْعِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَةِ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ خَمْسِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَسْجُدُ وَإِذَا جَاوَزَ هَذَا فِي بَعْضٍ أَوْ جَاوَزَهُ فِي كُلٍّ أَوْ قَصَرَ عَنْهُ فِي كُلٍّ إِذَا قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي مَبْدَإِ الرَّكْعَةِ، وَعِنْدَ رَفْعِهِ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَبْلَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَجْزَأَهُ.
وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ لِلْافْتِتَاحِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ مِنَ الِاسْتِفْتَاحِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُهُ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالْمَكْتُوبَاتِ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِالْبَقَرَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْإِمَامُ ذَلِكَ قَرَأَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا شَاءَ وَيَتَوَخَّى أَنْ يَكُونَ قَدْرَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَرْكَعُ فَلَا يَزَالُ رَاكِعًا كَقَدْرِ الْقِيَامِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ، يَبْدَأُ بِثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يُسَبِّحُ وَيَحْمَدُ اللهَ مَا دَامَ رَاكِعًا، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُولُ: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ قَدِ انْجَلَتْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَصَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَخَفَّفَهَا كَمَا كَانَ يَتَطَوَّعُ قَبْلَهُ لَمَّا انْجَلَتِ الشَّمْسُ قَالَ: وَهَذَا مَعْنَى مَا ذِكْرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ وَاللهُ أَعْلَمُ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُثْبَتُ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ، فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ وَلَمْ تَنْجَلِ الشَّمْسُ فَإِنَّهُ يَقُومُ قَائِمًا وَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَنَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ قِيَامَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ كَانَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْكَعُ دُونَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَنَحْوِ ثُلُثَيْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ حَسَنٌ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ وَلَا يُطَوِّلُ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا طَوَّلَ الرُّكُوعَ لِمَا لَمْ يُذْكَرْ فِي عَامَّةِ الْحَدِيثِ طُولُ الْمُكْثِ فِيهَا، فَإِنْ مَكَثَ فِيهِمَا كَنَحْو مِنَ الرُّكُوعِ جَازَ ذَلِكَ لِمَا ذِكْرُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ فَاسْتَوَى قَائِمًا قَرَأَ فِي قِيَامِهِ بِنَحْوِ نِصْفِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ يَثْبُتُ رَاكِعًا قَدْرَ نِصْفِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقْرَأُ كَقَدْرِ، أَظُنُّهُ قَالَ: نِصْفِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ ثُلُثِهَا، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيَثْبُتُ كَقَدْرِ نِصْفِ مَا وَقَفَ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ.

.ذِكْرُ قَدْرِ السُّجُودِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ:

كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: لَمْ أَسْمَعْ أَنَّ السُّجُودَ يَطُولُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَقَدْ رَأَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ تَطْوِيلَ السُّجُودِ فِيهَا، وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ.
2910- أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ الْحُمَيْدِيّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ، تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ فَجَاءَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ فِي مُصَلَّاهُ وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، فَكَبَّرَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ السُّجُودِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَكَانَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي تَطْوِيلِ السُّجُودِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِرَكْعَتَيْنِ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ سَمُرَةَ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

.ذِكْرُ الْقِيَامِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَ قَوْلِ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ، وَذِكْرُ الدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللهِ فِي الْجُلُوسِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ حَتَّى تَنْجَلِيَ:

2911- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حُرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ رَجُلٍ يُدْعَى حَنَشًا، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى عَلِيُّ بِالنَّاسِ بَدَأَ فَقَرَأَ بِـ {يس} أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِنْ قَدْرِ سُورَةٍ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ قَدْرَ السُّورَةِ يَدْعُو وَيُكَبِّرُ، ثُمَّ رَكَعَ قَدْرَ قِرَآتِهِ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ أَيْضًا قَدْرَ السُّورَةِ، ثُمَّ رَكَعَ قَدْرَ ذَلِكَ أَيْضًا، حَتَّى رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَفَعَلِ كَفِعْلِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ جَلَسَ يَدْعُو وَيَرْغَبُ حَتَّى انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ.

.ذِكْرُ الْخُطْبَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ:

2912- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا ابْنُ حَرْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، وَذَكَرَتْ صَلَاتَهُ قَالَتْ: ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَيْنِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللهَ، وَكَبِّرُوا، وَتَصَدَّقُوا»، وَقَالَ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا».
وَمِمَّنْ أَثْبَتَ الْخُطْبَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْخُسُوفِ مِنْ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا إِلَّا مَالِكًا، فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِلْكُسُوفِ خُطْبَةٌ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ رَوَى حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخُسُوفِ ثُمَّ خَطَبَ، وَالْأَخْبَارُ إِذَا ثَبَتَتْ لَمْ يَضُرَّهَا تَخَلَّفُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِهَا، وَوَافَقَهُ يَعْقُوبُ فَقَالَ: لَيْسَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ خُطْبَةٌ وَلَا خُرُوجٌ إِنَّمَا الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ.

.ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ:

2913- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا زَائِدَةٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: وَلَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ.

.ذِكْرُ حُضُورِ النِّسَاءِ صَلَاةَ الْخُسُوفِ:

2914- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَأَخَذَ دِرْعًا فَلَبِسَهُ حَتَّى أُدْرِكَ بِرِدَائِهِ، فَقَامَ بِالنَّاسِ قِيَامًا طَوِيلًا يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ، فَلَوْ جَاءَ إِنْسَانٌ بَعْدَمَا رَكَعَ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّهُ رَكَعَ شَيْئًا، مَا حَدَّثَ نَفْسَهُ أَنَّهُ رَكَعَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي وَإِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ أَسْقَمُ مِنِّي قَائِمَةً، فَأَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ أَنْ أَصْبِرَ عَلَى طُولِ الْقِيَامِ مِنْكِ وَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَرَى بَأْسًا لِلْعَجَائِزِ اللَّاتِي قَدْ طَعَنَّ فِي السِّنِّ يَخْرُجْنَ إِلَى الْمُصَلَّى قَالَ: وَأَمَّا غَيْرُهُنَّ فَلَا أُحِبُّهُ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَلَا إِكْرَاهَ لِمَنْ لَا هَيْئَةَ لَهُ بَارِعَةً مِنَ النِّسَاءِ، وَلَا لِلْعَجُوزِ، وَلَا لِلصِّبْيَةِ شُهُودَ صَلَاةِ الْخُسُوفِ مَعَ الْإِمَامِ، بَلْ أُحِبُّهَا لَهُنَّ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ لِذَاتِ الْهَيْئَةِ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي بَيْتِهَا.
وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ: يَخْرُجْنَ إِنْ كُنَّ شَوَابَّ أَوْ عَجَائِزَ، وَلَوْ كُنَّ حُيَّضًا، إِلَّا أَنَّ الْحُيَّضَ يَعْتَزِلْنَ الْمَسْجِدَ وَلَكِنْ يَقْرَبْنَ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: يَتَرَخَّصُ لِلْعَجُوزِ أَنْ تَخْرُجَ فِي الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ لِلشَّابَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كُنَّ النِّسَاءَ يَخْرُجْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ، وَقَدْ حَضَرْنَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ أَنَّ النِّسَاءَ فِي عَصْرِنَا قَدْ تَغَيَّرْنَ عَمَّا كُنَّ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَصَحُّ الْيَوْمَ مَنْعُهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: لَوْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ الْيَوْمَ لَمَنَعَهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنْ قَصَدَ مِنْهُنَّ الْخَيْرَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُنَّ غَيْرُ ذَلِكَ مَنَعَهُنَّ مِنْهُ إِلَّا الْعَجُوزَ الْكَبِيرَةَ، فَإِنَّهَا تَخْرُجُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.